مريم بنجلون، وحيدة السبعة عشر أستاذا بالآلاف حجوا لمدينة الرباط، خلال الأسبوع الأخير من شهر نونبر 2013، هم الأساتذة الحاصلون على الإجازة في مختلف التخصصات الأدبية والعلمية، مطلبهم واحد هو الترقية في السلم الإداري وفق شهاداتهم المحصل عليها، مر اليوم الأول ثم الثاني بشكل هادئ، والسلطات الأمنية تراقب الوضع عن كثب، ومر الأسبوع الأول، لكن الأسبوع الثاني، "شمرت" هذه السلطات عن سواعدها، لتنهال بالضرب والركل والرفس على من كادوا أن يكونوا رسلا، لنبل مهنتهم ومحوريتهم في منظومة التربية والتعليم.. كان يوم الإثنين 2 دجنبر 2013، حدا فاصلا في التعامل مع هذه الفئة من الموظفين، ففي حدود منتصف اليوم شنت عناصر القوات العمومية المشكلة من السيمي والقوات المساعدة هجوما كاسحا على الأساتذة مخلفين سقوط العشرات من حملة رسالة التربية والتكوين، بين مغمى عليه وجريح، ليتوج ذلك باعتقال 17 أستاذا من بينهم مريم بنجلون (31 سنة).. مريم بنجلون، تبقى المرأة الوحيدة ضمن زملائها المعتقلين 16، وتشاء الأقدار أن يكون من ضمنهم شقيقها علي بنجلون، وكانا معا ضمن نشطاء حركة 20 فبراير بالدار البيضاء، هي متزوجة وأستاذة مادة الرياضيات، وحاصلة على الماستير في نفس التخصص سنة 2012، لم تقف مكتوفة الأيدي وهي تشاهد تطويق أزيد من 12 عنصرا أمنيا لشقيقها علي، بل عبرت عن احتجاجها من المعاملة القاسية التي عومل بها شقيقها، لتنال بدورها نصيبا منها، بل وتم دفعهما بشكل عنيف نحو سيارة الأمن، ليودعا رفقة باقي زملائهما بمقر ولاية أمن الرباط، في انتظار مثول الجميع أمام وكيل الملك بالعاصمة. هي إذن حقيقة الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حماية حقوق الإنسان، التزامات وقع عليها بشأن الحق في التظاهر السلمي، وضمان كافة الحقوق والحريات للمواطنين، وهو ما تم التأكيد عليه في دستور فاتح يوليوز 2011، لكن هيهات بين الالتزامات والاتفاقيات وبين ارتفاع منسوب الانتهاكات الحقوقية، التي ليس ما تعرض له رفاق مريم بنجلون بالأولى كما لن تكون الأخيرة، انتهاكات تقع في سياق وطني وعربي متعدد الأوجه: خوض المغرب الرسمي لحملة مناهضة العنف ضد النساء. حديث من أعلى المستويات عن أزمة التعليم. خطابات رسمية حول تشبت المغرب بمنظومة حقوق الإنسان الكونية. مصادرة لحق قاطنات الحي الجامعي بوجدة من حقهن في السكن، وتعنيفهن بشدة. ربيع عربي أعاد للمواطن حقوقه المسلوبة. استعداد عالمي للاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان (10 دجنبر).. فهل ما تعرض له هؤلاء الأساتذة يدخل في إطار التنزيل السليم للدستور؟ أم تراه كشف للوجه الحقيقي للمخزن المنهاض للحقوق والحريات؟ هي إذن صرخة مرتفعة، تدين وتشجب المس بكرامة الأساتذة ومن خلالهم جميع المواطنين، وتضع الجميع من شرفاء هذا البلد أمام مسؤولياتهم في بناء دولة الحق والقانون.
الرباط، في 3 دجنبر 2013
0 commentaires :
إرسال تعليق