عوامل
العمل والإنتاج وآثارها على العامل والموظف
بقلم: نهاري
امبارك، مفتش التوجيه التربوي، مكناس.
مقدمة:
يعتبر العمل مجهودا فكريا
وعضليا يقوم به العامل والموظف من أجل تحقيق إنتاج ومردودية في مجال اشتغاله لصالح
مشغله، من ناحية، ولإشباع حاجاته المادية والمعنوية، من جهة أخرى. وعليه لا يختلف
اثنان حول أهمية العمل في حياة الفرد في أي مجتمع كان، حيث إن أي مجتمع يقاس رقيه
وتقدمه باهتمامه بالعمل وتوفيره لمواطنيه واهتمامه بالطبقة العاملة، التي يجب أن
تتمتع بكامل حقوقها مقابل قيامها بجميع واجباتها في إطار النصوص التشريعية
والتنظيمية. والمجتمعات المتقدمة لم تبلغ مستوى من التقدم إلا بجدية وإخلاص
مواطنيها في العمل وتفانيهم في القيام بواجبهم، وتوفير لهم الظروف المحفزة للعمل
والإنتاج. وإلا فكل تقاعس أو إهمال أو هضم
لحقوق العامل من طرف المؤسسات المشغلة قد يؤدي إلى الإفلاس والتقهقر والانحدار وانهيار
المصلحة العامة وتهاوي القيم والحضارة.
ويقوم أي فرد بعمل ما من
خلال حرفة أو مهنة أو وظيفة يحصل عليها أو تسند إليه، بطلب
منه، ووفق تخصصه وتوجهاته
ورغباته وقدراته، وتندرج ضمن القيام بالواجب، كما تعتبر عامل كسب الرزق لاستمرار
وتواصل الحياة، يزاولها، سواء عن طريق استفادته
من تكوين أم لم يستفد، وسواء امتلك
كفاءات أم لم يمتلكها حسب اهتمام الفرد ودرجة انتشار وتعميم وعرض التعليم والتكوين
بالمجتمع، ومدى توافر العمل وكيفية حصول الفرد على هذا العمل لتجنب وتجاوز حالة
العطالة التي لن تجر عليه وعلى المجتمع إلا شرا ووبالا.
وقد يحصل الفرد على عمل
معين حسب مستواه الدراسي وتكوينه وطبيعة توجهاته وميولاته، حيث الأفراد غير
المستفيدين من خدمات التعليم والتكوين يمارسون أي عمل كان، أحرارا، أو أجراء
مياومين، يؤدون أعمالا لفائدة مشغليهم مقابل مبالغ مالية تختلف باختلاف نوعية
وطبيعة العمل الذي يقومون به، وحسب درجة جودة هذا العمل والمردودية التي يحققونها.
وكل عامل في مؤسسة أو قطاع معين يرتبط عمله وإنتاجه بمجموعة من المتغيرات المادية
والمعنوية التي تحدد موقعه وعلاقته بعمله ومشغله، والتي تعتبر حسب نوعيتها عوامل
تحفيز وتشجيع أو إحباط وتقهقر لترتفع المردودية أو تتقهقر ويتحسن الإنتاج أو
يتراجع.
فما هي عوامل العمل والإنتاج
في إطار مهنة معينة؟ وما هي المحفزة منها والمحبطة؟ وكيف تؤثر إيجابا أو سلبا على
المردودية؟ وهل يمكن أن تؤدي السلبية منها إلى الإفلاس؟
سنحاول الإجابة على هذه
الأسئلة الفرعية المشكلة لإشكالية عامة تتناول العوامل التي يرتبط بها العمل
والإنتاج وموقع العامل والموظف وهو يتمتع بكامل حقوقه وتصان كرامته، ومواقفه اتجاه
العوامل السلبية التي قد تضر به ماديا ومعنويا وهو يرى حاجياته تتهاوى وتضمحل،
فإما يخلص في عمله ويتضاعف إنتاجه، وإما يتهاون قسرا وكرها فيكره عمله ويتقهقر
إنتاجه ومردوديته، ومن خلالها تقدم المجتمع أو تراجعه، محددين العوامل الإيجابية
للعمل والإنتاج ومركزين على فضائلها، ومحددين العوامل السلبية للعمل والإنتاج
ومركزين على مساوئها، وواضعين الأصبع على مدى تقدم أو تقهقر المجتمع حسب ظروف
العامل ومدى ضمان حقوقه، وذلك من خلال الفقرات أسفله.
وقبل
ذلك تجدر الإشارة إلى شساعة الموضوع وتعدد أبعاده، وعليه لا ندعي الإحاطة بكل
مكوناته، بقدر ما يتم مناولة أهمها والأساسية منها في مجال الشغل وحياة العامل،
بالقطاعين العام والخاص، كما أنه سوف يتم اعتماد مفردة فرد أو عامل ضمن مجريات
الموضوع المتناول، باعتباره الشخص الممارس لمهنة والقائم بمهام معينة أو بعمل ما
في حياته العملية.
I.
عوامل تحفز العامل على العمل والإنتاج:
1.
عقد الشغل:
يتحدد
مفهوم عقد الشغل في وثيقة قانونية يتعهد بمقتضى مضامينها أحد طرفيها وهو الأجير
بأن يعمل في خدمة الطرف الآخر وهو المشغل وتحت إشرافه ورقابته أو إدارته مقابل أجر
يلتزم هذا الأخير بدفعه له.
ويعتبر
عقد الشغل رابطا قانونيا ضروريا بين طرفين أساسيين، العامل الأجير والقطاع المشغل
فردا كان أو مؤسسة. هذه الوثيقة القانونية تحدد حقوق وواجبات الطرفين معا يلتزمان
بها على امتداد المدة الزمنية التي يتطلبها العمل. وكل عقد مجحف أو مخل بحقوق
العامل، قد ينجم عنه قيام هذا الأخير بعمل كرها أو قسرا استغلالا لموقعه أو عوزه
واحتياجه، الوضعية التي تؤدي إلى ضعف المردودية والإنتاج، ما قد يتسبب في إفلاس
تدريجي للطرف المشغل، تضيع معه مصلحة العامل وحقوقه والمصلحة العامة على العموم.
2.
الأجرة:
تعتبر
الأجرة مبلغا ماليا يتقاضاه العامل، يدفعه له مشغله مقابل تفرغه للعمل والإنتاج
لمواجهة أعباء الحياة وتكاليفها وذلك للقيام بالمهام الموكولة إليه وتحقيق مردودية
مقبولة وضمان السير العادي للعمل بالمؤسسة أو القطاع الذي يشغله وينتمي إليه.
إلا
أن الأجرة، عموما، تطرح إشكالات متعددة في حياة العامل اليومية، تتعلق بمدى
استجابتها لمتطلبات العامل، ومدى توفيرها حاجاته الأساسية التي يتطلبها العيش
الكريم، من سكن وإنشاء أسرة وإعالتها والاعتناء بها من لباس وترفيه وعلاج وتطبيب
وتعليم. وكل عدم اكتفاء أو هزالة أجر قد يزج بالعامل، سواء بالقطاع العام أو
الخاص، في متاهات التقاعس والتهاون، ما يمكن أن يجر عليه الويلات، ويعرضه لعقوبات
أو إجراءات ضارة بمصالحه، وقد يصطدم بمشغله بالتجائه إلى إضرابات واحتجاجات، قد
تفي بالأغراض المطلوبة وقد لا تنتهي ما يلحق أضرارا بمصلحة المؤسسة المشغلة ومصلحة
العامل ومصلحة المواطنين بشكل عام، ما يتم تسجيله بعدة مؤسسات وقطاعات مشغلة،
كالتربية والتعليم، والصحة، وغيرها.
3.
السكن:
اجتماعيا
وثقافيا، وبغية استقلالية شخصية وعيش كريم، كل فرد يسعى جاهدا للحصول على سكن
يأويه وأسرته، يقيه شر الاكتواء بنار أسعار الكراء الشهري المتصاعدة، كما يرى جميع
الأشخاص، عزابا كانوا أو أرباب أسر، حيث ترسخت لديهم ثقافة امتلاك سكن، حتى
أسموه" قبر الحياة" لشدة تشبثهم وتعلقهم به.
فالسكن
قد يكون ملكا للعامل وقد يكون إداريا أو وظيفيا، يشكل أول هم يشغله، لا يهدأ له
بال حتى يحصل عليه. والسكن القريب من مقر عمل أي عامل وموظف يعتبر عاملا محفزا على
العمل والإنتاج، يعفيه من عبء التنقل اليومي أو التأخر عن مواعيد التحاقه بعمله،
ما قد يسبب له متاعب تنهك قواه الجسمية وتؤثر فيه نفسيا إزاء عمله وعلاقته مع
محيطه العمالي أو الأسري عند عودته إلى بيته بعد سفر طويل. والسكن يعتبر أحد
الأولويات الأساسية التي على القطاع المشغل توفيره لعماله ضمانا لراحتهم النفسية
والجسمية، وتوفيرا للجهد والطاقة، خصوصا بالقطاع العام ومنه التربية والتعليم على
الأخص، من أجل تقريب العامل من مقر عمله وإعفائه من قطع مسافات تكلفه ماديا
ومعنويا وثؤثر سلبا في مردوديته وإنتاجه، قد تؤدي إلى ضياع مصلحة شركائه
والمستفيدين من خدماته، تعليما كان أو تطبيبا وعلاجا وغيره.
ولما
كان السكن أهم هدف يضعه الفرد نصب أعينه، فإنه يظل يلهث وراءه إلى حين تحقيق هذا
الهدف ولو تطلب ذلك سنوات طوالا من الكد والجد والانشغال إلى درجة انصرافه أحيانا
عن القيام بواجباته، ما يضعف إقباله على عمله وتقهقر إنتاجه. وعليه، فالقطاعات
المشغلة العامة والخاصة، عليها البدء أولا بتوفير سكن محترم لعمالها قرب مقرات
عملهم، حتى ينصرف كل فرد حصل على عمل، مباشرة إلى البذل والعطاء ويتفرغ للإنتاج دون انشغال بوهم أو شبح سكن يسكنه فترة
من حياته إن لم نقل طيلة حياته.
4.
العطل والرخص:
تعتبر
العطلة والرخص فترة راحة أو قضاء أغراض شخصية مؤداة لمدة زمنية محددة يستفيد منها
العامل لاسترجاع قواه الجسمية أو القيام بغرض شخصي، استعدادا لبدء فترة عمل أخرى
بحيوية ونشاط. وتتنوع العطل بين السنوية والدورية منها، والأسبوعية وأيام الأعياد
الدينية والوطنية والعالمية، وعطل المرض والأغراض الخاصة. وعليه ينبغي أن يتمتع
العامل بكامل أيام العطل المستحقة، دون هضم لحقوقه في الراحة لاستعادة قواه، مع
منحه أجره كاملا عن هذه الأيام دون خصم أو انتقاص من قيمتها المالية، تحفيزا له
وتشجيعا على البذل والعطاء بمجرد استئنافه عمله.
5.
التكوين المستمر:
إن مفهوم التكوين المستمر ينطوي تحت مفهوم التعليم أو التعلم
خلال حياة الفرد المهنية، حيث يتم إكسابه، كلما دعت الضرورة إلى ذلك، مهارات وقدرات معرفية وعضلية من أجل تنمية سلوكه واتجاهاته
نحو حب العمل، لصقل معارفه ومواكبته المستجدات العلمية والتقنية التي تمكنه من
القيام بمسؤولياته المتمثلة في البذل والعطاء والإنتاج وتقديم الخدمات المطلوبة
منه كعامل، وهو بذلك يكتسب مهارات يدوية ومقدرة مهنية يصبح بفضلها قادرا على
المساهمة في التنمية الاقتصادية والإنتاج لفائدة مشغله وشركائه الذاتيين
والمعنويين.
ومن أجل تمكين العامل من كفاءات علمية
وتكنولوجية مستدامة وتعريفه بطرائق ومناهج جديدة متطورة ومواكبة المستجدات الحاصلة
في مجال عمله، فإن على المؤسسة التي ينتمي أن تنظم لفائدة جميع العمال دورات
تكوينية حسب تخصصاتهم تحت إشراف خبراء متمكنين ومتخصصين، من أجل إطلاعهم على طرق
العمل والإنتاج والتعرف على آليات وتجهيزات متطورة تساعد على تطوير العمل ورفع
الإنتاج.
6.
الترقي:
يعتبر
الترقي مكافأة إدارية تسمح للعامل والموظف بالانتقال من مستوى تنظيمي معين إلى
مستوى أعلى. ويصاحب الترقي، الاستفادة المادية والمعنوية لحفز العامل على
الاستمرار في بذل الجهد ومضاعفة الإنتاج للنهوض بمصلحة القطاع المشغل وشركائه،
ذاتيين كانوا أو معنويين.
وعليه
لا يمكن أن يفني العامل والموظف حياته وهو يتفانى في عمله ويقدم مزيدا من التضحيات
إخلاصا لمهنته وضميره وقياما بواجبه دون تحفيز مادي ومعنوي عن طريق الترقي، وذلك
من أجل تحقيق التنمية البشرية من خلال تحقيق أعلى درجات الإنتاج والمردودية في
العمل. فالترقي اعتراف بإخلاص العامل، وتحفيز لكل عامل يكد ويجتهد لمواصلة نشاطه
دون تماطل ولا تهاون بغية الارتقاء بمصلحته الذاتية ومصلحة المؤسسة المشغلة
والمصلحة المجتمعية العامة.
ومن أجل إنصاف العمال والموظفين، ينبغي القيام بتقييم
موضوعي لمجهوداتهم وأدائهم باعتماد مختلف آليات التتبع والمواكبة لملامسة إنتاجتهم
الحقيقي دون إجحاف أو هضم لحقوق مستحقة.
7.
التطبيب والعلاج:
التطبيب
والعلاج خدمات طبية للمداواة وتقديم العلاجات الضرورية لكل فرد أصيب بمرض معين أو
لوقايته من أمراض محتملة. ويعتبر التطبيب والعلاج أحد أهم حقوق العامل والموظف
يتمتع به طبقا للقوانين المعمول بها وتنفيذا لبنود العقد المبرم بين العامل
ومشغله، من أجل الحفاظ على مقومات صحته الجسمية والعقلية حتى يستمر في نشاط وحيوية
دائمين للقيام بالمهام الموكولة إليه لتحقيق مردودية وإنتاج مقبولين، مساهما في
الرفع من مستوى العمل والإنتاج لفائدة مشغله وشركائه.
8.
التعويضات والتحفيز المالي:
تعتبر
التعويضات مبالغ مالية تضاف إلى أجرة العامل والموظف يحصل عليها شهريا أو سنويا ،
وتتنوع بين التعويضات العامة والتعويضات الخاصة وتعويضات التنقل. وحيث التعويضات
حوافز مادية تشجيعية، فإنه بات من الضروري حصرها في حدود معينة، وربطها بطبيعة عمل
العامل والموظف ومردوديته وإطار ترتيبه ضمن سلالم الأجور حتى لا تصبح مزاجية ومطية
لرفع فاحش لمرتبات البعض وحرمان البعض الآخر وذلك بإخضاعها لمعايير دقيقة تنصف المستحقين
والكادحين وتحفز الجميع على البذل والعطاء. وإن لم يتم منح التعويضات وفق مبادئ
الاستحقاق والعدل والإنصاف فإنه يرسخ لدى العامل والموظف معتقد التفاضل
والمحسوبية، فيشعر بدوس أحد حقوقه المستحقة، ويركن إلى التقاعس والتهاون ويصاب
العمل والإنتاج بالوهن وتتناقص المردودية وتنحدر المؤسسة المشغلة، ذاتية كانت أو
معنوية نحو الانحطاط والإفلاس.
9.
التقاعد والإحالة على المعاش:
عند
بلوغ العامل سنا معينة تنص عليها التشريعات التنظيمية المعتمدة يتقاعد بشكل عاد
ويحال على المعاش ليستفيد من مرتب مالي من لدن مؤسسة معينة، يضمن له عيشا كريما
بعد قيامه بعمله لمدة معنية. ويحتسب المبلغ المالي للمحال على المعاش باعتماد
مجموعة من المعطيات ترتبط بالمرتبات الأساسية وعدد سنوات العمل وفق صيغة رياضية
محددة. ويحال العامل على المعاش بعد أن يكون قد أفنى عمره في الكد والبذل والعطاء
إخلاصا لضميره وقياما بواجبه لمصلحته ومصلحة مجتمعه. ويسجل بجلاء أن أغلب العمال
والموظفين لا يبلغون السن القانوني للإحالة على المعاش إلا بعد أن تنهك قواهم
الجسمية ومعانتهم من الأمراض الجسدية والنفسية التي تتطلب منهم مصاريف مالية طائلة
للمعالجة والتداوي، ليبدو وهو ينتظر هذه النقلة من الحياة العملية إلى حياة
الاستمتاع بالراحة بعد سنوات طوال من التعب والكد والجهد المضني خدمة للواجب
وللمصلحة العامة، حيث يلاحظ أن العامل في أي مجال أو قطاع كان، خصوصا الشاق منها،
تخار قواه ولم يبلغ سن التقاعد القانونية فيعاني أمراضا مختلفة تطال صحته الجسمية
والنفسية، تؤثر بشكل ملحوظ على مردوديته وإنتاجه اللذين ينخفضان، لعدة سنوات قبل
الإحالة على المعاش القانونية، ملتجئا للغياب المتكرر والمتعدد المبرر منه وغير
المبرر للركون إلى راحة لاسترداد قواه ومواصلة العمل. وعليه، وعلى العموم، كلما
تقدم العامل في السن كلما أصبح عرضة للأمراض الجسدية والنفسية، وكلما انخفضت
مردوديته وقل إنتاجه، خصوصا، بالنسبة للأشخاص الذين عانوا سوء التغذية، أو تعرضوا
لأمراض معينة في أولى سنوات حياتهم. والعامل يتمنى طول حياته العملية أن يحال على
المعاش ليركن إلى الراحة وينعم بحياة هنية هادئة بعيدا عن التعب قبل أن تباغثه
المنية، خصوصا أن أمل الحياة غير مرتفع بما يضمن عمرا طويلا ينسي العامل تعب العمل
والكد والإنتاج.
10. حماية حقوق العامل:
تنص عقود الشغل والتشريعات والقوانين المحددة لموقع
العمال إزاء مشغليهم على حقوق وواجبات العامل من جهة، وحقوق وواجبات المشغل من جهة
أخرى. وعليه يتعين على كل مؤسسة مشغلة حماية عمالها من التهديدات والإهانات
والتهجمات والسب والقذف والتشنيع وكل سوء قد يلحقهم أثناء مزاولة عملهم وأثناء القيام
بالمهام المنوطة بهم، سواء أمام المحاكم أو عن طريق التعويضات المادية صونا
لكرامتهم ومكانتهم الاجتماعية، ردا للاعتبار وحفاظا على سمعتهم وشخصهم، من أجل
استمرارهم في عملهم وإنتاجهم بنفس النفس والحيوية، ضمانا لسمعة المؤسسة المشغلة
ومردويتها، وذلك لأجل صالح هذه المؤسسة والصالح العام.
II. عوامل تحبط العامل
وتصرفه عن العمل والإنتاج:
إن
العوامل المتناولة أعلاه تندرج ضمن حقوق العامل وواجبات المشغل، لتمكين كل من
العامل والمشغل من حقوقهما، وتمكين كل من العامل والمشغل من القيام بواجياته على
أحسن وجه. وكل إخلال بالواجب يؤدي بالعامل إلى التعرض إلى إجراءات تأديبية، وكل
خدش يصيب حقوق العامل ينعكس بشكل مباشر على المردوية ويترتب عنه مساس بسوء وحالات
نفسية وعصبية تؤثر في العمل والإنتاج، وتؤدي إلى تقهقر المؤسسة المشغلة وتدهورها،
نذكر منها ما يلي:
1.
عدم الرضى:
نظرا
لظروف متعددة يعيشها الفرد، منها العوز والمرض والجهل وعدم التأهل المهني وعدم
الحصول على شواهد مؤهلة، وقلة العرض بسوق الشغل، وعدم توفر مهن مناسبة لكفاءات كل
الأفراد، وعدم استجابة هذه المهن لحاجاتهم وأذواقهم وتوجهاتهم وقدراتهم المعرفية
والجسمية، فإن أي فرد قد يجد نفسه مضطرا لقبول بنود عقد شغل واعتناق عمل ما، كرها
ودون رضاه، من أجل كسب مالي يوفر له أسباب الحياة ويغنيه عن العيش تحت رحمة أشخاص
لا يربطه وإياهم أي رابط عمل أو قرابة. إن عدم رضى العامل بواقع عمله ومهنته
ومتطلباتها التقنية والعلمية والعضلية والتكنولوجية قد تؤدي به إلى حالات من عدم
الاستقرار النفسي والقلق الذي قد يتحول إلى كآبة مستمرة، هذه الوضعية قد تؤدي
بالعامل إلى التقاعس وإهمال عمله، ما ينعكس سلبا على الإنتاج والمردودية، ويسهم في
تراجع وتقهقر المؤسسة المشغلة وشركائها.
2.
العلاقات السيئة:
نظرا
لتشعب واختلاف مشارب العمال ثقافيا ومهنيا وتأهيلا، فإن عدم التوافق قد يكون حاضرا
جراء مشاكل وصعوبات تعيشها المؤسسة المشغلة، من قبيل استفزازات وتجميد أجور وهضم
حقوق واتخاذ قرارات مجحفة وغير ذلك...، ينتج عنه عدم التكامل وغياب التعاون وعدم الارتياح
للآخر، وتنجم عنه مواقف سلبية، يترتب عنها نظرة احتقار تترجم إلى قيام علاقات سيئة
تعاملا ومعاملات، الأمر الذي ينعكس سلبا على العمل والإنتاج، ما ينبغي أن ينتبه
إليه المسئول على سير العمل بالمؤسسة المشغلة ومعالجته في حينه قبل تفاقم الوضع،
وينال الاضطراب العمال حسب العلاقات القائمة بينهم، فتتدهور المردودية وتصاب
المؤسسة بالوهن والتقهقر.
خاتمة:
حيث للعامل حقوق فعليه واجبات، وحيث للطرف أو
المؤسسة المشغلة حقوق فعليه(ها) واجبات، فعلى العامل القيام بواجباته تجاه مشغله،
وعلى المشغل احترام حقوق العامل، من أجل الحفاظ على السير العادي للعمل وتحقيق
إنتاجات مرضية لصالح العامل والمشغل والمجتمع.
نهاري امبارك، مفتش في التوجيه التربوي، مكناس.
0 commentaires :
إرسال تعليق