بقلم إقبال إلهامي
تمنيت لو كان التلفزيون حاضرا
لتصوير جلسة بوح على درحة كبيرة من الأهمية جمعت مدرسين في السلك الإبتدائي
بأولياء التلاميذ في لقاء للتواصل هدفه الإستماع لوجهة نظر الآباء والأمهات بخصوص
المشاكل التي تعترض أبناءهم داخل المدرسة.
والواقع أن تلك الجلسة التي
شاركت فيها الأمهات أكثر من الآباء كشفت عن وعي كبير لأولياء التلاميذ بتعقيدات
القضية التربوية في المغرب، والمعانات التي يكابدها الأطفال يوميا لتعلم ما يبعدهم
عن ساحات الاحتجاج أمام البرلمان. ولو أختبر الحاضرون من أولياء التلاميذ فيما
يدرس أبناؤهم لكانو تفوقوا على أنفسهم. فقد كانوا ملمين بكافة الدروس وبينهم من
يحفظ المناهج عن ظهر قلب السابق منها والقادم.
من خلال الأسئلة الكثيرة التي
طرحت على إدارة المؤسسة التعليمية الخاصة ممثلة في مديرة المدرسة ومنسقي المواد،
لاحظت أن أكثر ما يؤرق أولياء التلاميذ كان هو اللغة والمناهج وتمارين البيت.
اللغة لأن الأطفال المغاربة هم
ربما الوحيدون بين أطفال العالم الذين يدرسون كل المواد باللغتين العربية و
الفرنسية. وهو أمر يتطلب منهم جهودا مضاعفة تنتهي بإنهاكهم ومللهم من الدراسة،
ببساطة لأنهم يحفظون مرتين نفس الدرس بلغتين مختلفتين.
ويطرح المشكل بحدة في مادة
الرياضيات حيث تصل ساعات تدريسها باللغة العربية إلى سبع أسبوعيا، فيما تختصر تلك
المدة إلى ساعتين باللغة الفرنسية. وتساءل آباء كثيرون عن الجدوى البيداغوجية من
إكثار ساعات تدريس الرياضيات بالعربية على حساب الفرنسية في تدرس فيه كل المواد في
الجامعة باللغة الفرنسية. لكن سؤال الآباء ظل معلقا، فجواب المدرسين كان ان وزارة
التربية الوطنية هي من يحدد ساعات التدريس وليس المدرسة. والواقع أنه يتعذر فهم
خلفيات مثل هذه الخيارات التي تعاكس المنطق وتعكس تخبطا واضحا عند وضع أسس
المنظومة التربوية.
لا يتعلق الأمر بإحتقار اللغة
العربية أو تمجيد الفرنسية بقدر ما يفترض أن يفي التعليم بالمطلوب، إذ يضمن
الإستمرارية وليس القطيعة بين المراحل الإبتدائية والجامعة. فالضحية الوحيدة لتلك
الخيارات هم الطلبة الذين تعبد لهم طرق التعليم هاته الطريق وتجعلها سالكة إما نحو
البطالة أو الإنخراط في تنسيقيات الإحتجاج العابرة للشوارع. أما واضعوا تلك الخطط
فهم لا يكتوون بنارها ويجهلون تأثيراثها اليومية على الأسر المغربية، إذ أن
أغلبيتهم يدرسون أبناءهم في البعثاث الفرنسية أو المدارس الغربية.
وعدا عن اللغة هناك المناهج التي
تفرضها أيضا وزارة التربية الوطنية. هنا كان تساؤل أولياء التلاميذ عن أخطاء لغوية
تعج بها تلك المناهج، يرصدها الأباء والأمهات لكنهم لا يستطعون تغيير وجهة نظر
أبناءهم حولها. فما يقوله المدرس مقدس، حتى لو كان خطأ. ونحن هنا لا نعمم. لكن وجب
التنبيه للدور الخطير الذي يلعبه المعلم، خصوصا في المراحل الإبتدائية حيث نظرة
الطفل ترفعه إلى درجة القديس.
واللافت في عدد من المقررارت
التي تتدخل بعض المدارس بتنقيحها هو إحتواؤها على أخطاء لغوية بينة ناتجة في
أغلبيتها عن الترجمة الحرفية من اللغة الفرنسية إلى العربية، وكان مثيرا أن إحدى
السيدات بادرت إلى السؤال حول عنوان جاء كالتالي "أتعرف مكتسباتي" ، ولم
ينفع شرحها للمدرس في تبيان الخطأ اللغوي الذي جاء كترجمة حرفية للجملة بالفرنسية
"je reconnais mes acquis".
مع أنه كان من المستحسن إذا كان الهدف هو الإختصار إختيار "أعرف
مكتسباتي".
أما الملاحظة الأخيرة التي طرحها
أولياء التلاميذ هي تمارين البيت، التي تشكل إختبارا حقيقيا ليس للأطفال وإنما
للأباء والأمهات. والجميع يعرف بما فيهم المدرسون أن أولياء التلاميذ هم من ينجز
تلك التمارين، لذلك ترتفع أسباب التوثر في البيت خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بأكثر
من طفل. فالعودة إلى البيت بعد يوم عمل شاق حافل بكل المطبات التي يمكن أن تعترض
العاملين والموظفين طوال ساعات لا يعني الراحة وإنما تقليب الدفاتر وإنجاز التمارين
والبحث في شبكة الأنترنيت عن المطلوب من المدرسين، ولو سألت هؤلاء الموظفين
المنهكين عن ما يتمنونه أكثر حين يعودون لبيوتهم ليلا، فسيكون جوابهم الأسرع هو
التخلص من تمارين البيت.
جلسة المصارحة تلك بين المعلمين
وأولياء التلاميذ إنتهت بإقتناع الطرفين بقصور في المناهج وتضخم في المود وتعسف في
حق الطفل بفرض إستخدام لغتين لتدريسه نفس المواد. وقد يساعد تنظيم مثل هذه الجلسات
في المؤسسات التربوية على رسم معالم خارطة التعليم الذي يراد إصلاحه بعد خطط توالت
وتشابهت ولم يتغير في واقع التربية شيئا.
عن جريدة الأخبار.
عن جريدة الأخبار.
0 commentaires :
إرسال تعليق