النظام الياباني يسعى إلى تكوين مواطن مسؤول مجتهد والأمريكي يهدف إلى تحسين إمكانيات الإنتاج في سوق العمل
يعتبر النظام التعليمي في المغرب من الأنظمة الأكثر تخلفا في العالم، حسب العديد من التقارير الأممية التي تصنفه دائما في آخر الترتيب، ولو مقارنة بدول عربية أخرى، رغم أنه كان سباقا إلى العديد من الإصلاحات السياسية التي جعلته البلد الأكثر «ديمقراطية» و«احتراما لحقوق الإنسان» على الصعيد العربي.
ولعل الخطاب الملكي الأخير، الذي أشار إلى وضعية التعليم ببلادنا ودق ناقوس الخطر من أجل إعادة النظر في هذا النظام الفاشل الذي يخرج أجيالا من العاطلين، لدليل على أن الوضع أصبح لا يطاق ولم تعد تنفع إزاءه مخططات استعجالية ولا هم يحزنون.من يقول تعليما، يقول في الوقت نفسه تنمية وتقدما وتطورا. والبلد الذي يعاني نظامه التعليمي خللا لا يمكن أن يطمح في يوم من الأيام إلى أن يكون ضمن الدول المتقدمة التي صنعت مجدها وتطورها بالتركيز على تعليم أبنائها وضمان مستقبلهم، الذي هو في الوقت نفسه مستقبلها.وإذا كان الحديث عن التعليم في المغرب حديثا ذا شجون، بالنظر إلى العدد الكبير من الاختلالات التي يعانيها، والتي حار الخبراء والمتخصصون في إيجاد حلول لها، فمن الأجدر أن نلقي نظرة ولو بسيطة على الأنظمة التعليمية لبلدين متقدمين هما الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، النموذجان الأمثل، حسب الخبراء، رغم بعض الهفوات التي تحسب على هذا النظام أو ذلك، والتي لا تقاس «خطورتها» بما عندنا نحن من «مصائب» في هذا المجال.وفي الولايات المتحدة الأمريكية يختلف النظام التعليمي من ولاية إلى أخرى، لكنه يحتفظ في شكله العام بالجوهر نفسه رغم لا مركزيته، مع تنوع طفيف في بعض التفاصيل التي تميز ولاية عن أخرى، كما هو الشأن في العديد من المجالات.ويقدم نظام التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية للطالب العديد من الخيارات الدراسية، ليختار منها ما يناسب ميوله وأهواءه الشخصية، مع اتفاقه أولا وقبل كل شيء مع متطلبات سوق العمل واحتياجاته والمتغيرات التي تطرأ عليه مع مرور السنوات، سواء على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، أو على مستوى العالم ككل.ويمثل ما يطلق عليه «التعليم الاحترافي» النموذج الأكثر اتباعا في بلاد «العم سام» لاعتماده في المقام الأول على تحسين إمكانيات الإنتاج في سوق العمل وتطابق احتياجات هذه السوق مع نموذج التعليم الذي يسعى إلى تخريج قوى عاملة تفهم بشكل دقيق هذه الاحتياجات.ومكن هذا النظام من خلق العديد من فرص الشغل الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية في مجالات إدارة أسواق المال والبورصات والتجارة الإلكترونية، وهي المجالات التي ازدهرت وكثرت الحاجة إلى أطر للاشتغال فيها، خاصة بعد التقدم التكنولوجي الهائل خلال السنوات الماضية.وإلى جانب مطابقة احتياجات سوق العمل، يهدف النظام التعليمي الأمريكي، أولا وقبل كل شيء، إلى مساعدة الفرد على تحقيق ذاته وجعله مواطنا صالحا وعاملا منتجا وعضوا صالحا في الأسرة والمجتمع المحلي (حسب ما جاء في توصيات لجنة السياسة والتربية الصادرة عن رابطة التربية القومية عام 1938 ضمن بند الأهداف العامة للتربية والتعليم في الولايات المتحدة الأمريكية).
نورا الفواري
0 commentaires :
إرسال تعليق